قصص نسيمة رؤية للوجه الاخر من العالم في نصف متر مربع

خضر دوملي:قصص نسيمة رؤية للوجه الاخر من العالم في نصف متر مربع

\د تبدو عناوين القصص او مقدماتها غير ما يتوقعه القارىء الذي اعتاد قراءة القصص القصيرة، وقد يبدو ان عنوان المجموعة التي صدرت من بين انامل نسية شلال تعطينا شيئا اخر واشياء اخرى، غير التي في نيتنا ان نراها أنها تكتب من القلب للعقل ومن الواقع المرير للمجتمع ومن الفقر المقيد بالاغلال الاجتماعية.

قراءة قصص نسيمة شلال ( نصف متر مربع ) التي صدرت قبل ايام ترينا كم هو موحش الحب، وكم هي موحشة الحياة مع الفقر والتقاليد والعادات، لأنها تقاومه بكل كلمة، وتقتله بكل تنهيدة في قصصها، وبكل فارزة لم تأتي في موقعها.

نسيمة شلال التي وضعت العالم في نصف متر مربع تريد ان تخبرنا بقسوة العيش في عالم تتصارع فيه الافكار بين الجديد والقديم، وتبين لنا ان الحب يشق طريقه اينما كان وكيفما كان لكنه مقتول ايضا، من خلال قصص عديدة توزعت بين الحب والشيخويخة والعنف والاحتكام الى الحلم بمستقبل افضل في عالم حجزته في ستة عشرة قصة كل قصة هي انعكاس لجزء من واقع حياتي معاش، نحس به حوالينا.

نسيمة في قصصها التي وضعتها عنوة في نصف متر مربع تشعرك باللهفة لتكمل كل سطر قبل الاخر، وكل قصة قبل الاخرى، وبينهما تريد العودة الى قصة مضت عليك مسرعة او موقف قرأته قبل هنيهة، بسرد لغوي بسيط ومفهوم وعابر للقلب، لأنك تشعر ان كلماتها صادقة ونابعة من القلب والعقل والوجدان.

ما يخاف الكثيرون ان يقولوه علانية وزعته نسيمة في قصصها بحيث تخبرنا كل قصة جزء مما نريد اخفاءه عن يومياتنا ومواقفنا تجاه انفسنا وتجاه ما يحدث حولنا، انه الفن القصصي القصير الذي يعطيك زادا فكريا في اقصر وقت وباقل عدد من الكلمات والصور والمشاهد، التي تفننت نسيمة في تقطيعها( كل مشهد ) يقول جزء من حياتك وحياتنا وحياة المهزومين او الفائزين من حروب الحياة، فمن خلال قصصها تخبرنا نسيمة بالوجه الاخر للعالم في نصف مترها المربع جدا.

يقول عبدلله البدراني رئيس اتحاد الادباء والكتاب في نينوى الذي تكفل بكتابة كلمة الغلاف الخارجي لمجموعة نسيمة القصصية ( نصف متر مربع ) ان قصص نسيمة " لها خصوصيتها، وتميزها في اختيار الجمل الشفافة والمباشرة، واستطيع ان اقول انها تخاطب كل الثقافات وعلى اختلاف مرجعياتها".

وفي اشارة له الى قدرة نسيمة على التبوء والتفرد في اسلوبها في الكتابة يقول البدراني "انها متفردة ومتمردة على الطقوس الحياتية التي اعتادت عليها مجتمعاتنا"

مضيفا "انه بين مجموعتها الاولى ( القمر يمشي معنا ) الى ( نصف متر مربع ) مسافات مكتظة بالتجربة، والحب، والقراءة، استطاعت نسيمة شلال ان تغيرها لأنها ركبت سفينة التمرد".

مجموعة نسيمة شلال القصصية القصيرة فعلا لا تأخذ من وقتك الكثير لكي تقرئها، لكنها بحاجة الى وقت كثير لكي تستوعبها وتستوعب الرسالة التي تريد ان تقولها لنا كما تشير هي في مقدمة قصصها "عندما شرعت بكتابة القصة تركت نفسي وقلمي ان يسرحا في عوالم كثيرة، دون حواجز او قيود، كتبت قصصا او بالاحرى ولدت عندي قصص تعبر عن حياة وافكار ومفاهيم كل فرد اراد من الحياة كل ما هو صعب، وايضا في الوقت ذاته كل ما هو سهل".

قصص نسيمة اغلب ابطالها النساء، بأعترافها وبما جاءت به هذه المجموعة، الذين يحلمون بمسافة كبيرة لكي يقولوا ما يريدون وليس نصف متر مربع كما هي في هذه المجموعة، اذا تقول نسيمة "المرأة بحد ذاتها عالم متكامل، لذلك تناولت في هذه المجموعة العلاقة بين الرجل والمرأة، تلك العلاقة التي كانت ومازالت محور حديث الادباء والكتاب، ليس فقط من الناحية الاجتماعية بل ايضا تطرقت الى العلاقة الجنسية ومدى الحساسية التي نأخذ بها تلك العلاقة في مجتمعاتنا والخوف من الحديث عنها، لاعتقادي ان كل شيء في الادب مباح، او يجب ان يكون هكذا".
قصص نسيمة شلال التي وضعت عواطفها وافكارها وافكار النساء اللواتي يبحثن عن ذاتهن في مساحة ضيقة ولكن بحجم كبير رافقته مخطوطات لتقاسيم ورسوم حياتية بتوقيع خالد الشيخ جمعت الكثير في صفحات عديدة وفي كل قراءة لها ستكتشف شيئا جديدا كنت قد نسيت ان تركز عليه او هكذا ستبدو لك. في قصص تشد عناوينها القارىء قبل مضمونها( امرأة تداعب المدى، اعتذر منك ياسوسن، الجار قبل الدار، السن المكسور، القيد، نصف متر مربع، اهل الجبل، تحية العلم، حسب المستنقعات، حلم فاطمة، زواج سلفانا، زوجة المختار، صورة ومطر، قزمان وبطيخة، لأنني انثى، ومفاتيح جدتي).