هذا هو عنوان الرأي القيّم الذي كتبه الفاضل ابو جوتيار بخصوص جمع النصوص الدينية الايزيدية من قبل اللجنة الاكاديمية وإشكالية تسمية ذلك الكتاب. فالفقرات التي وردت في الاراء التي ذكرها الفاضل ابو جوتيار جديرة بالاحترام وهي كلها ضرورية قبل البدء باي شيء، ولكن أعتقد بأن الاكثر جدارة هو إعلان اسماء الذين سيقومون بهذا العمل، كتّاب وباحثين ورجال الدين والمختصين في حقل التراث الديني.

قبل عشر سنوات من الان، وفي قاعة شيخ محمد في بعشيقة وبالحاح متواصل على سمو الامير والمجلس الروحاني واللجنة الايزيدية العليا التي كنت وقتها أحد اعضائها، تم دعوة معظم رجال الدين من سنجار وبعشيقة وبحزاني والشيخان على أمل أن يحصل تفاهم في هذا الموضوع، وهو جمع وتدوين وتدقيق وتفسير الادب الديني الايزيدي على اساس سليم، وكان مقترحي على سمو الامير واللجنة العليا قبل ذلك بفترة طويلة هو الاتي:

1. أن تتم دعوة جميع المهتمين وحافظي التراث الديني مع الباحثين الذين ذكرهم السيد ابو جوتيار ويتم فرز الاقوال والادعية والقصائد وما يتفرع عنها، ووضع كل اختصاص في حقل خاص به.

2. تسمية ثلاث لجان في كل من المناطق الايزيدية الرئيسية الثلاث في العراق ومن جميع حفظة الادب الديني الشفاهي وبعض المهتمين بهذا الشأن وخاصة ممن لديهم الخبرة في مجال التبويب والتنظيم.

3. تجتمع اللجان الثلاثة في بداية العمل لتحديد وفرز الحقول (اقوال، أدعية أو قصائد أو بايزوكات)، ووضع ببلوغرافيا متكاملة بحيث يسهل التعامل مع هذه الحقول على اساس (قول او قصيدة أو أدعية).

4. تتفق اللجان الثلاثة على تسمية خمسة اقوال فقط في بداية كل شهر لحين إنهاء جميع ما يتعلق بهذا التراث بحيث، تقوم اللجان الثلاثة وفي المناطق الثلاثة المذكورة، وكل في منطقته وبلهجته بشرح وفحص وتدقيق القول والمناسبة التي قيل فيها القول المعين. وفي نهاية نفس الشهر تجتمع اللجان الثلاثة في مكان معين وتعقد مؤتمر حول توحيد نفس الاقوال الخمسة التي تم الاتفاق عليها في البداية، وبكلمات موحدة بعد الاتفاق واستبعاد تأثير اللهجة المحلية لكل منطقة على الاداء لأنه لكل منطقة لهجتها الخاصة بها حيث تتأثر بها كلمات وسبقات القول وكذلك المعنى والسياق الذي قيل فيه ذلك القول. ومن ثم تثبيت تلك الكلمات التي تم الاتفاق عليها في المؤتمر الشهري لتكون الاساس في جميع مناطق الايزيدية والعالم. يستمر هذا العمل الشهري لحين اكمال كل ما يتعلق بالتراث الديني بحيث يتم شهريا (كما ذكرنا)، فقط فحص خمسة أقوال لكي يكون الوقت كافياً لرجال الدين ليفحصوا ويقيّموا ما ناقشوه ووافقوا عليه، والامكانية لمراجعة ماتم الاتفاق عليه قبل المؤتمر الذي سينعقد في نهاية كل شهر.

5. بعد الانتهاء من فحص جميع الاقوال وبقية القصائد وما يتعلق بالتراث الديني، ينعقد مؤتمر عام من المناطق الثلاثة ويدعو لها الايزيديين الذين لديهم نفس الاهتمام من كل من سوريا وتركيا وارمينيا ويتم الاتفاق معهم على هذا الاساس بحيث يتم تصفية وغربلة التراث الديني واستبعاد الغريب الذي اتفق عليه جميع الحضور ليكون الاساس الذي يكتب به في كتاب عام يقدم للجهات الرسمية للمصادقة عليها ككتاب ديني ورسمي للإيزيديين. وليكن ذلك الكتاب الاساس الذي يرسو عليه الادب الديني الايزيدي حتى لو لم توافق عليه السلطات المختصة في الوقت الحالي، حيث سياتي اليوم الذي ينال المصادقة حتماً.

6. بعد الانتهاء من تدقيق جميع الاقوال ووضعها في كتاب، تبدا المرحلة الأصعب ألا وهي مرحلة التفسير وهي تحتاج إلى أشخاص كفوئين ومختصين بعلم الادب واللغة والنحو والصرف والبلاغة، بحيث لا تفوتهم كلمة من دون تدقيق في المعنى المجازي والموضوعي. لقد صادفني الكثير وأنا استمع إلى نفس القول من اختلاف في الكلمات لنفس السبقة وكذلك المعاني والتفسير حسب المناطق بسبب اختلاف اللهجة المحلية لكل منطقة والتفسير الذي كان يعتمد على لهجة تلك المنطقة، إضافةً إلى الاختلافات في نص الكلمات والتقديم والتاخير وما إلى ذلك مما أصاب المعنى من تشويه غير متعمد. هنا يأتي الدور الفاعل للسادة الاكاديميين وليس قبل ذلك. فالاكاديمي لا يستطيع تشخيص الابعاد المجازية للكلمات مثلما تعوّد رجل الدين على شرح تلك المعاني بالفطرة. قد تلتبس المعنى على رجل الدين، وهنا يجب على الاكاديمي أن يتدخل لكي يصحح لغويا وتحريك الكلمات بحيث تصبح الكلمة ناطقة. بمعنى يجب أن يكون عمل الاكاديمي مكمل لعمل رجل الدين في تفسير كل معنى مجازي للكلمات. فالسادة الذين كتبوا عن المعاني المباشرة للكلمات وقعوا في اخطاء جسيمة في تفسير معنى المجازي للكلمة، وعلى سبيل المثال، السيد آزاد سعيد سمو والسيد أنس الدوسكي وكذلك الدكتور خليل جندي وحسو أومريكو، ليس بدافع القصد ولكنهم عندما فسروا أو ترجموا بعض الكلمات إلى اللغة العربية، نقلوها وفسروها على أساس مادي وهذا يُبعِد ويفرِّغ الكلمة من محتواها الروحي ومعناها المجازي.

7. بالفعل تم دعوة جميع السادة اصحاب وحفظة الادب الديني في قاعة شيخ محمد ببعشيقة (على ما اعتقد عام 2001)، وتم مناقشة الامر لساعات(*). وعندما طلب السادة رجال الدين طلباً مشروعا وقالوا: إننا أصحاب عوائل ولدينا مشاغلنا ومشاكلنا العائلية في ظرف الحصار ونحن مستعدين للقبول بالامر على أن يتم صرف مبلغ يسد حاجة عوائلنا في الفترة التي نقضيها في هذه المهمة، وبعد تناول الطعام صرف الجميع وخرجنا بدون نتيجة، مع الاسف.

8. لذلك، فإني أرى بأن الابقاء على الحال كما هو الان لهو افضل الف مرة من عمل لايحقق نتيجة موفقة وايجابية يجر بها طرف ديني وآخر سياسي، لإنه في حال وضع كتاب مرتبك وعجول وبدون فحص وتدقيق وتمحيص وغربلة، سيكون الامر كارثي وسيفتح الف باب نحن في غنى عنه(**).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ

(*): حضر في هذا اللقاء بالاضافة إلى أعضاء اللجنة العليا وسمو الامير تحسين بك والامير فاروق بك وبعض المهتمين بالشأن الايزيدي ومنهم شمدين باراني وكوجك بعشيقة وبعض الشخصيات الاخرى، كل من السادة: بيشيمام، قوال سليمان، فقير حجي، شيخ درمان، شيخ ميرزا بيباني، فقير خدر، اثنان من عائلة فقير كسو من سنجار، شيخو شيخ سيدو، شيخ شرف، فقير جردو، بير تعلو، قوال خدر حمور. قد لا تسعفني الذاكرة لسرد الجميع ولكني اتذكر كل هؤلاء بالحضور والمناقشة.

(**): في رسالة خاصة موجهة للسيد خيري بوزاني لمناسبة تعيينه مديرا عاما لشئون الايزيدية، تطرقت إلى هذا الموضوع كونه يدخل في صلب اهتمامت دائرته إضافةً إلى بعض الفقرات التي شعرت باهميتها آنذاك بهدف الاستفادة من تلك الافكار في حينها.



علي سيدو رشو

المانيا في 28/7/2011

rashoali@yahoo.com